هل مقولة (رمضان كريم) تأدي إلى الشرك؟؟

Mei 02, 2020


هل مقولة "رمضان كريم"  تأدي إلي الشرك؟؟

انتشر واشتهر هذا التعبير بين الناس إذ يهنئ بعضهم بعضا لمناسبة حلول شهر رمضان إدخالا للسرور على الأخلاء والأصدقاء. والمصرون يردون على من قال لهم : رمضان كريم.  قالوا: الله أكرم.
هذا ولا شك أن إدخال السرور على قلب المؤمن شيئ محمود شرعا ولو بشطر كلمة.

ثم ظهرت طائفة من الناس متأخرة يخافون على المؤمنين من وقوعهم في الشرك مع غلوهم في ذلك فأفتى بما يضيق الناس في معيشتهم. فحرّم هذا التعبير الشهير (رمضان كريم)  وأصر على الناس بأن الصواب وحده هو (رمضان مبارك) بدليل أن الكريم هو الله وحده،  والشهر نفسه لا يكرُم فمن أسند الكرم لغير الله فقد أشرك.

فأقول وبالله التوفيق:
أولا : العرب تعبّر عن الشيئ الحسن بلفظ (كريم) فهو صفة لكل ما يُرضي ويُحمد. يقال "فلان له وجه كريم" "له قول كريم" "رزق كريم". وقد شاء سبحانه أن ينزل القرآن بلسان عربي مبين. فلا يُعقل كون لغة القرآن غير لغة العرب في طرائق التعبير.  فالله عز وجل وصف كتابه به (إنه لقرآن كريم : الواقعة ٧٧) وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم (إنه لقول رسول كريم: الحاقة ٤٠) والنبات التي تنبت من الأرض (كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم: الشعراء ٧) وغيرها..

ثانيا: ومن ثروة اللغة العربية في التعبير أنها لا تعبر دائما بلفظ الحقيقة،  بمعنى أنه ليس كل الكلمات يفهم بمعناها الظاهر المعجمي. فلها تعبير آخر يسمى ب(المجاز). وللمجاز قسمان: المجاز العقلي والمجاز اللغوي.  ولا أريد أن أطيل في هذا الكلام النظري لأن القصد مجرد الإشارة. ولمن أراد المزيد في هذا الباب فليرجع إلى كتب البلاغة.

فلفظ رمضان كريم، تعبير مجازي عقلي،  لأن معناه الظاهر غير المراد، ولأن العقل هو الذي يحكم باستحالة إسناد الفعل إلى غير ما هو له. حيث أُسند فيه الكرمُ إلى الشهر، والشهر لا يفعل الكرم بذاته، هذا ما نعتقده نحن كمسلمين. إنما شهر رمضان زمان فيه كرم الله،  وقد أسند الكرم إلى الشهر لأنه زمان فيه كرمه اي الجود من الله سبحانه. ولهذا فالتعبير صحيح في اللغة والشرع معا لا شرك فيه ولا حرج.

وفي اللغة العربية يُسْنِدون الفعل إلى مكانه، جاء في القرآن( جنات تجري من تحتها الأنهار ) ( البقرة : ٢٥ ، آل عمران : ١٥، ١٣٦، ١٩٥، ١٩٨، النساء : ١٣، ٥٧، ١٢٢، المائدة: ٨٥ وغيرها ) والأنهار لا تجري وإنما المياه التي تجري. وقد أسند الفعل الي المكان،  (فهو في عيشة راضية: القارعة ٧) اي الجنة.  والجنة لا ترضى وإنما الذي يرضي هو ذاك العبد الذي دخل الجنة (اللهم اجعلنا من اهل الجنة).

وجاء في القرآن( رزق كريم ) ( الأنفال : ٤ ، ٧٤ ، الحج : ٥٠ ، النور : ٢٦ ) فهو يعني رزق كثير.  فالرزق ليس فاعلا للكرم،  ولا يوصف به على الحقيقة وإنما الكريم هو الله.

فنقول: رمضان كريم أو رمضان مبارك
كلاهما صواب، لا شرك في اي من أحدهما.
والله تعالى أعلى وأعلم

علي عفيفي الأزهري
خلف جامع الأزهر بالقاهرة
٩ من رمضان ١٤٤١

You Might Also Like

0 komentar

aLi_afifi_alazhari